نهج الزّيات في الترجمة  
3:22 م - أكتوبر 8, 2017, كتب بواسطة: Admin


كان الأستاذ أحمد حسن الزّيات، المُتوفى في سنة 1968م، أحد كبار الكُتّاب المصريين، وصاحب مجلة الرسالة ذات الأثر العظيم في الثقافة العربية، وعضوًا في مجمع اللغة العربية بمصر. ولكن جهده لم يقتصر على ذلك، بل كان له دور في الترجمة، فترجم رواية «رُوفائيل» للأديب الفرنسي لامرتين من اللغة الفرنسية إلى العربية، وترجم رواية “آلام فرتر” لجوته التي وصف المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس ترجمتها بأنها أفضل من الأصل، وترجم أيضًا مختارات من الأدب الفرنسي.

وقد شرح الأستاذ الزيات في مقدمته لرواية «ضوء القمر» النّهج الذي اتبعه في الترجمة قائلا:

 

«فأنا أنقل النص الأجنبي إلى العربية نقلا حرفيا على حسب نظمه في لغته، ثم أعود فأجريه على الأسلوب العربي الأصيل، فأقدم وأخر دون أن أنقص أو أزيد. ثم أعود ثالثة فأفرغ في النص روح المؤلف وشعوره، باللفظ الملائم والمجاز المطابق والنسق المنتظم، فلا أخرج من هذه المراحل الثلاث إلا وأنا على يقين بأن المؤلف لو كتب قصته أو قصديته باللغة العربية لما كتبها على غير هذه الصورة. ومن هنا كانت الترجمة على هذا النحو أشق وأتعب، لأن المؤلف ينقل مباشرة من ذات نفسه إلى ذات قلمه، أما المترجم فإنه ينقل من لغة تخالف لغته كل الاختلاف في تأليف الجملة ونظم الأسلوب وتصوير الطبيعة والبيئة على مقتضى التربية والعقلية والحضارة، فجهده الأول تطويع اللغة العصية لقبول المعاني الأجنبية قبولا لا يظهر فيه شذوذ ولا نشوز، وجهده الآخر اندماج فيمَنْ يترجم عنه، فيشعر بقلبه وينظر بعينه وينطق بلسانه، وبهذا التطويع وهذا الاندماج يتحقق الصدق في التعبير والأداء ويكون المؤلف والمترجم كالشخص وصورته في المرآة.»